القصة الأمازيغية السادسة ، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد جمالها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معها بالقصة الخامسة سيكون مجلسنا اليوم مع قصتنا الأمازيغية السادسة "آدم وحواء" المصاغة ترجمتها باللغة العربية ، فمرحبا بك.
القصص الأمازيغي |
القصص الأمازيغي لجدي
وقد كان مما قصه علي جدي من قصص الأجداد قصة سيدنا آدم وأمنا حواء ، وقد تذكرها جدي حين سألته يوما عن إسم والده؟ وبعدها سألته عن إسم جده؟ لأنتقل وأسأله عن جد أبيه؟
ضحك مني أبي واستغرب تساؤلاتي تلك قائلا: (يكفيك يابني أنك تعرفني وتعرف جدك الأخير هذا ، مالك أنت وجدي أنا ، وأبو جدي وجد جدي!!).
هنا أجابه جدي قائلا : (حفيدي محق ، أتعلم يابني لو كان لكل واحد منا سجل عائلي يتوارثه الأبناء مسجل فيه إسم الأجداد بالتتابع ماضاعت منا الأسماء ).
آنفجر أبي ضاحكا مجددا وقال: (كم سجل لهذه الأسماء ستتوارثه الأجيال ياأبي؟ إنها أجيال وأجيال ، وسنين وأعوام ، بل هي قرون وقرون ، بما ستفيدكم الأسماء؟ كلنا من آدم وآدم من تراب)
هنا أخبرتهم أن معلمتنا اليوم بالمدرسة حكت لنا قصة أبونا آدم وأمنا حواء ، تفاجئ جدي وأخبرني أن بقصص الأجداد الأمازيغ أقصوصة عن سيدنا آدم وحواء ، وطالبني أن أستعد لموعدنا لليلة السبت فستكون قصتنا معا عن سيدنا آدم ولتكن هي قصة الأسبوع.
آدم وحواء بالقصص القرآني
وصلت ليلة السبت ، وطالبني جدي أن أكون أنا أول من يقص عليهم ماسمعته من معلمتي ، أخبرتهم أنها قالت أن الله عز وجل أخبر ملائكته أنه قد قرر خلق إنسان من طين وسيجعله خليفة فى الأرض ...
ولما اكتمل خلقه لهذا الإنسان أمرهم أن يسجدوا له إحتراما وتقديرا ، فسجدوا جميعهم إلا إبليس أبى متكبرا كونه لن يسجد إحتراما وتقديرا لمن خلق من طين فهو يعتبر نفسه أرقى منه...
حلت لعنة الله على إبليس كونه تجرأ على رفض أوامر ربه ، ولم يكن ممن قالوا سمعنا وأطعنا.
لم يعتذر إبليس اللعين عن تهوره ، بل تجرأ وطلب من الله أن يأخر له عقابه إلى يوم يبعث عباده ، وما أن قبل الله طلبه حتى تجرأ أكثر وأخبر ربه الله عز وجل أنه لما سيصيبه من عقاب يوم الحساب فإنه يتوعد أن ينتقم من آدم وذريته بمحاولات إغواءهم...
وافقه الرب ليبين له أن لله عباد مخلصين وهم عباده الصالحين الصادقين ؛ الذين هم على الصراط المستقيم ، أبدا لن يتمكن منهم خبث إبليس وأعوانه.
استمر إبليس في جحوده ووقاحته مخبرا الله ربه عز وجل أنه لن يتوانى وسيحاول أن يترصدهم وملاقاتهم بكل سبيل وسيتتبع ممشاهم ليحيدهم عن الصراط المستقيم...
هنا قال له الله ربنا أن من تبعه فهو معه بالجحيم ، وهكذا كان ، لتبدأ العداوة بين الإنسان وإبليس اللعين وأعوانه من ذريته...وهذا ماجاء في قوله تعالى بسورة (ص): [إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ(71)فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين(72)فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(73)إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ(74)قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ(75)قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ(76)قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ(77)وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ(78)قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(79)قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ(80)إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(81)قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82)إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(83)قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ(84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ(85)]
ونجده أيضا واضحا بسورة الأعراف في قوله عز وجل: [وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(11)قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ(12)قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ(13)قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(14)قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ(15)قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(16)ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17)قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ(18)وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ(19)].
بعد زمن من خلق آدم خلق الله حواء لتشاركه العيش في جنته وقد سمح لهما الله بالعيش بتلك الجنة والأكل من تمارها إلا شجرة معينة فلا يقربوها...
لكن عدوهم الشيطان تمكن من إغواءهم فأكلوا منها إعتذر آدم من ربه كونه كان فريسة سهلة بيد إبليس وقبل الله عز وجل توبته ، لكنه عز وجل طردهم من جنتهم تلك...وهذا مانجده بسورة الأعراف في قوله عز وجل: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ(20)وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ(21)فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ(22)قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(23)قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(24)قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ(25))
وهكذا كان وكثرت البشرية بعدها ، ولم يغفل عنهم ربهم بالتنبيه والتحذير ، فقد توالت عليهم الرسل تعلمهم الدين وتذكرهم بالتمسك بشرع الله الذي به هم مستخلفين بالأرض ، وتنبههم أن لا يغويهم الشيطان مثلما كان مع والديهم فهو عدوهم الأكبر وهم بهذه الحياة للإختبار ، وهذا مانجده في قوله عز وجل: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ(27)) فهل سينجحون أم يفشلون؟
آدم وحواء بالقصص الأمازيغي
وما أن أتممت معلوماتي حتى طالبت جدي أن يحكي لنا ماتحكيه القصص الأمازيغي عن أبونا آدم وأمنا حواء ، وكنت جد متشوق لأعمل مقارنة بين ماورد بالقرآن وما تداوله الأجداد...
قال جدي أنه يحكى بعهد الأجداد أن إبليس أخذ يفكر كيف ينتقم من آدم وتوصل إلى أن الحل هي حواء ، فهي المخلوق الضعيف الذي تغلب عاطفتها عقلها لكن آدم قد يصعب عليه أن يوسوس له...
فدخل عليهم جنتهم متخفيا بفم الحية ، ولهذا تقول الأسطورة الأمازيغية الحية مسمومة اللسان من وقتها لقبولها إدخال إبليس جنة آدم وحواء...
دخل ابليس وأخبر حواء أن آدم تزوج أنثى غيرها ، لكنها كذبته وأخبرته أن لا أنثى ولا ذكر غيرهما هي وآدم على الأرض ، ضحك بمكر مستخفا بقولها وسألها كيف تقول أنها وآدم الوحيدان المخلوقان!! فكيف ولما هو الآن أمامها !!؟ ثم وعدها أن يأتيها غدا بصورة للأنثى التانية التي يخفيها عنها آدم...
خداع إبليس لأمنا حواء
ولأن حواء لم يسبق أن رأت صورتها فهي إذا لا تعرف ملامح وجهها ، وتمكن إبليس اللعين من صنع أول مرآة بالتاريخ ! وذلك بمزج التراب ومكونات من صنعه الخاص.
(ولهذا معروف عند الأمازيغ بالتقاليد القديمة لو أي أنثى نظرت للمرآة وأعجبت بملامح وجهها وبشكل مبالغ فيه فإنها تتف على المرآة وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأن المرايا صارت عندهم منتوج مخلوط بماء الشياطين ومؤكد الناظر إليها مطولا سيغتر بجماله)
المهم أن إبليس جاء مجددا للقاء حواء ووضع المرآة أمام وجهها وماأن رأت وجه أنثى أمامها حتى صعقت وتلعتمت وأجهشت بالبكاء...
إقترح عليها إبليس أن تواجه أبونا آدم بالحقيقة وإذا أنكر فلتطلب منه أن يأكل من تلك الشجرة وأشار حيث الشجرة المحرمة عليهم ، أخبرته حواء أن الله منعهم منها...
هنا ضحك إبليس اللعين بخبث مجددا متسائلا: (كيف يحلل الله عليكم كل هذه الخيرات ويمنع عنكم هذه الشجرة المباركة ؟! إن آدم يخاف إن أكلتي منها أن تتفتح بصيرتك على المخلوقات الأخرى ، فالمرأة محجوبة عنكي للسر الكاشف الذي بالشجرة) ...وفعلا اقتنعت وتواجهت مع أبونا آدم...وحصل ماحصل ليكتشفا أنهما قد أغواهما الشيطان...
آدم وحواء والكبرياء والكذب
ندما وتوسلا لله كثيرا وبعد أن قبل الله عز وجل توبتهما ، كانت العقوبة أن طردا من جنتهما وألقى بهما الله متباعدين واعطاهما فرصة أخرى فوق الأرض وأخذا يبحثان عن بعضهما لأيام...
وكان يلقي لكل منهما رغيف خبز وكان آدم يأكله كله وكانت حواء تأكل النصف وتحتفظ بالنصف على أمل أن تلتقي آدم وتعطيه إياه، وكانت تمشي ليل نهار ولاتنام إلا لحيظات لتواصل المسير والبحث وكان هو ينام ليلا ويمشي بالنهار...
ولما تراءيا عن بعد، وقفت مكانها وهي تظهر الإرهاق وتمشي الهوينا، وهو مجرد أن رآها حتى أسرع جاريا باتجاهها...
ولما التقيا أخبرها آدم أنه لم يتوقف للحظة وهو يبحث عنها ، وقالت حواء أنها صراحة آسفة وتعتذر منه كونها كانت تستريح ليلا فهي لاتقدر أن تواصل السير دون أن تستريح...
ولما نظر إلى يدها وهي ماسكة بنصف الرغيف، أخبرها أن الله كان يرسل له صبيحة كل يوم قرص رغيف مكتمل، يأكله كله ومن الجوع والتعب يكاد لايكفيه ! لكن حواء كذبت وقالت أن الله كان يرسل لها نصف الرغيف ومن حزنها عليه كان يكفيها بل قد يتبقى منه مثلما هو الحال اليوم...
وكبرياءا منها لم تخبرته الحقيقة، تقول الأسطورة الأمازيغية لذلك لها نصف ما له بالإرث، ولهذا أيضا علاقة ذريتهم فيما بينها من ذكر وأنثى يسودها غالبا الكذب والكبرياء.
خاتمة
ضحكنا من الخيال الأمازيغي الذي خلق سيناريوهات للقصة القرآنية مع أن آيات القرآن واضحة فيما ذكرته بخصوصها، ولم تكن الآيات لتخوض في التفاصيل العادية المتعارف عليها بالقصص العادي ، لكن أبي قاطعنا بقوله أن بلاد الأمازيغ كانت تعرف إنتشار الديانة اليهودية قبل وصول الإسلام، مما يفسر تواجد بقايا مثل هذه القصص التي غالبا ما يكون مصدرها الإسرائيليات.
☆☆☆☆☆☆☆
كتبت برمضان الكورونا
1441/2020
Written in Ramadan Corona