"حوار مع رجل الكهف" لكاتبه ديفيد هو كتابنا اليوم، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معها بمقال عن كتاب "أربعون 40" سيكون مجلسنا اليوم مع تلخيص موجز لكتاب"حوار مع رجل الكهف"، فمرحبا بك.
رجل الكهف |
كتاب "حوار مع رجل الكهف"
كتاب حوار مع رجل الكهف. تم النشر في 12 ديسمبر 2017 بواسطة دافيد روجر الكهف.
الكتاب: 226 صفحة.
لغة الإصدار: عربي.
العنوان الأصلي: حوار مع رجل الكهف في ما المثقف؟
وهو سلسلة حوارية هدفها الإرتقاء بفكر الشباب، و محاولة جادة لتبسيط العلوم و الإرتقاء بالأمور البحثية العلمية في مختلف مجالات المعرفة الانسانية .
رجل الكهف دايفيد
يقول دايفيد الكاتب، أن شبابنا يقع فريسة لتخبطات الفكر وتنوع الثقافات من مختلف وسائل الإعلام، فتتعمق براثن الجهل في العقول حين بحثها عن إجابة السؤال الأكثر جدلا : ما المعرفة؟
ويتابع الكاتب شارحا الكيفية التي منها تتم المعرفة، و إنتهاء بالأشياء التي يجب أن يعرفها كل الناس لزرع بذرة العلم المنطقي السليم لديهم .
فالكتاب "حوار مع رجل الكهف في ما المثقف؟"، يساعد على فهم الثقافات والسياسات العالمية، واللعبة التي يلعبها الكبار ماسكي زمام الأمور، ويرشدنا لما يجب علينا فعله والإتصاف به، حتى نسمي أنفسنا حقا مثقفين وواعين .
وكان كل ذلك بواسطة سيناريو لحوار بين الزوجين الصحفيين: لوسيل و داني و مستضيفهما ديفيد ، المسمى برجل الكهف .
لقاء رجل الكهف
الصحفيين قررا أن يمضيا عطلة نهاية الأسبوع في غابة لوحدهما، لإكتشاف حياة البرية ومعالمها ، وهما بتجوالهما هناك، فجأة وجدا كهفا مميزا مجهز بكل مستلزمات الحياة، صاحبه هو هذا "ديفيد" المسمى "برجل الكهف" .
بعد ملله من المجتمع، كانت الغابة هي مقصده، وإعتكف كهفه بعيدا عن ضجيج المدينة، حل الظلام على الصحفيين، ولم يكن لهما خيار إلا الكهف عند ديفيد، إستئذناه في المبيت وبالطبع رحب بهما .
فلما جالساه دار حوار بينهم، حاولا خلاله طرح موضوعات علمية وفلسفية وثقافية متنوعة، وكان قصدهما معرفة القدرات المعرفية لرجل الكهف .
فشرح لهما بحواره معهما آلية إشتغال الدماغ عند الإنسان؛ وكيف تتم برمجته والغاية من تلك البرمجة، كما شرح لهما منهجية المعرفة الحقة المنتجة للمثقف الناقد، وأرشدهم لعدة مراجع مهمة لمن يسعى لتحرير نفسه والتعلم الذاتي .
وهم على العشاء...طلبت منه "لوسيل" أن يعرف عن نفسه وأفكاره التي يؤمن بها، هنا كانت بداية حكايته لهم، والتي حسب منظور "دايفيد" رجل الكهف، قصة تفسر سياسات العالم من حولنا .
رجل الكهف ونشأة المجتمعات
أخبرهم رجل الكهف أن البشر كانوا مجموعة صغيرة تعيش مع بعض؛ متعاونين ومتآخين، وكانت الحياة هادئة وبسيطة جدا، وعلى مر الأجيال زاد تعدادهم و أصبحوا يشكلون مجموعة سكانية كبيرة .
توزعوا وتفرقوا، وأصبحوا عبارة عن عدة تكثلات و مجموعات منفصلة ، صارت بعدها المجموعة مجموعات ، وعلى رأس كل مجموعة، مثلث عبارة عن ثلاثي سماهم رجل الكهف بثالوث القمع .
وكل ثالوث قام ببناء غرفة شاسعة المساحة لتسع رعاياه ، فكانت كسجن كبير أو كزنزانة عملاقة ، لأنها بلا نوافذ ولا أبواب ماعدا بابها الرئيسي الوحيد ، والذي يحرسه الثالوث القمعي ، فلا يسمح لأي أحد من السكان بتجاوزه للعالم الخارجي ، وإن حاول أحدهم التسلل وفشل يؤتى به ويطاله العقاب أو قد ينفى أو يقتل .
السيطرة بالأكاذيب
ولكي يسهل على الثواليث السيطرة على الرعايا ، و نسف فكرة الخروج و محاولات التسلل الفضولي ، فقد أقنعوهم أن الخروج خطر على حياتهم.
وأن الثالوث هو المسؤول على حماية الغرفة من أي خطر قد يغزوها ، وذلك لأن الثالوث أكثر رعاياها فهما ، ويهتم بهم ويحبهم ويخاف على مصلحتهم .
وفعلا نجح الثالوث بإقناعهم ، فصاروا مع مرور الأيام ، لا يعرفون أي شيء بدون الثالوث ، فأي سؤال قد يراودهم فهو من يسألون ويؤمنون بأجوبته إيمانا قاطعا مسلما ولايشكون به أبدا .
ولا أحد يتجرأ على مغادرة الغرفة ، ولكن مع ذلك هناك من هزته روح المغامرة لإكتشاف ومعرفة ماذا يوجد خارجا ، وحاول تغفيل ثالوث القمع والتسلل خارجا ، فإن وفق بالنجاة لايعود ، لأنه يعلم ماينتظره من قتل أو تعذيب أو نفي لأقصى الغرفة .
السيطرة بزرع التفرقة
وكان من الأفكار التي تزرعها ثواليث القمع بين رعاياها أن سكان الغرف المجاورة تريد بها شرا ، وأنها بمثابة أعداء .
وكل ثالوث منهم يفهم رعيته أن غرفته أفضل غرفة بالعالم وطريقة عيشها هي الأروع ، ونظامها هو الأسلم والأصلح بالعالم ، وبالتالي لابد من كره الغرف الأخرى ، لأنها لاتريد بهم خيرا .
فأصبحت كل غرفة تكن الكره للغرف الأخرى ، فعاش الكل بهذه القناعات أجيال بعد أجيال ، يؤمنون بثالوث القمع ولا أحد يشك بنواياه ، ولا أحد يتجرأ للخروج من الغرفة وإكتشاف ما حولها .
المجموعة المنقدة
ومن بين تلك المحاولات النادرة ، ستتمكن مجموعة ممن لم يتقبلوا الوضع من التسلل والخروج خفية من الغرفة ، وصدفة إلتقوا بأشخاص مثلهم تسللوا هم أيضا من غرفهم ، فتعرفوا على بعضهم وكانت المفاجئة والصدمة !!
فقد إكتشفوا مدى تشابههم ، بالرغم أن لكل مجموعة لغتها الخاصة بسبب الإنعزال الطويل عبر الأجيال ، بعد أن كانوا مجموعة واحدة ، لكن بعد تفرقتهم أصبح لكل غرفة لغة خاصة ومعتقد خاص وتقاليد خاصة .
فكانت الصدمة ! حين اكتشفوا أن ثواليث القمع خدعوهم ، فقد كانت كلها تردد نفس العبارات على رعاياها: (أنتم الأفضل والغرف الأخرى تريد بكم شرا) فقرروا العودة إلى غرفهم ليخبروا الآخرين مااكتشفوه وتوصلوا إليه .
لكن طبعا ثواليث القمع لن تسمح بذلك ، فتمت معاقبتهم ونفيهم بل حتى قتلهم أحيانا ، لكن مع ذلك تمكنوا من إيصال أصواتهم للآخرين وإثارة الشكوك عند بعضهم ، مما دفع بالمتشككين إلى السعي لمعرفة المزيد عن السر الخفي الذي قيل لهم ، فتحفزوا أكثر للتواصل مع الغرف الأخرى .
فأصبحوا يحاولون التواصل معهم خفية عن الثواليث ، وكلما تواصلوا إكتشفوا أكاذيب أخرى كانت تكذبها عليهم الثواليث حتى نجحت في تفرقتهم ، وجعلت الكره يسري بينهم ، ويعتقدون أن كل غرفة مختلفة عن الأخرى ، وتعتقد كل واحدة بعداوة الأخريات لها .
العلم البرج العالي
وقد إكتشفوا أمرا آخر ، وهو إمكانية بناء برج عالي يمكن من خلاله رؤية العالم الخارجي دون الحاجة للخروج من الغرفة وخوض مخاطر مواجهة الثالوث.
فقرروا بناء برج بداخل الغرف يمكنهم من إكتشاف العالم من حولهم ، وطبعا التواليت حاولت تعطيل البناء ، ولكن بالإصرار والعزيمة القوية لبعض الرعايا فقد تمكنوا من تجاوز كل تلك العراقيل وبناء البرج .
ويالروعة مارأووا ! مما لم يكونوا يعلموا وجوده ، رأووا البحار ، واليابسة ، والجبال ، والصحاري ، وحتى الفضاء والأدهى أنهم رأوا ثالوث القمع ، والتي كانت تظهر أمام رعاياها العداوة لبعضها البعض ، رأوها تجلس على مائدة واحدة كأصدقاء ، متفقين منسجمين .
رجل الكهف وتفكيك الرموز
فقال رجل الكهف أن الثواليث كانت : هي الدين والسياسة والإقتصاد ، والتي لابد منها كثلاثي هرمي ليتشكل الحاكم ، والغرف كانت هي البلدان والأمم ، والسكان هم نفسهم الرعايا المغلوب عن أمرها ، والبرج هو العلم ، والصاعدون هم النخبة المثقفة والعلماء الباحثين عن حقيقة العالم وعن كيف تتجارى الأحداث من حولهم .
المثلث لايمكن الإستغناء عن أي ضلع من أضلاعه وإلا لن يتواجد ، وهذا المثلث هو الذي يحكم ويحدد التقاليد واللغة والأخلاق وكل مايخص البلاد ويخدم مصلحته هو تحديدا ، وبهكذا تصور وضح رجل الكهف كيف تسير الأمور من حولنا دون أن ندري .
رجل الكهف وتعريف المثقف
وهنا سيأتي الجواب عن مالمثقف ؟ ومع أن تعريفه ليس محددا ، إلا أنه حسب الكاتب رجل الكهف ، هو من يساهم في إيجاد الحقيقة وتحرير الرعايا من سلطة ثالوث القمع ، الذي يسجنهم تحت مانسميه الآن بالحياة اليومية .
الحياة الروتينية المكررة ، حيث لايوجد لا إكتشاف ولا إبداع ولا تقدم ، ولهذا نجد أن أغلب العلماء تم نفيهم أو قتلهم أو تعذيبهم ...بسبب أنهم كانوا يدعون للحرية الفكرية والتطور والتقدم وتحرير العقل وإيقاظه من غفلته وسباته العميق .
فليس المثقف هو القائد الذي يقود الرعايا إلى خارج الغرفة أو خارج سلطة الثالوث ، بل المثقف هو الذي يثير الشكوك ويثير الحماس ، أو حتى يدفع الرعايا للتفكير ويدفعهم للبحث على التحرر بمفردهم ، فهو ليس من يقود بل هو فقط من يحرك فيهم مشاعر تقودهم للتحرر والبحث والمطالبة بالحرية .
رجل الكهف وكيف نكون مثقفين
ليكون الختام بإخبار رجل الكهف لنا ، عن كيف نكون مثقفين حقيقيين ، ولنعرف أننا على السبيل الصحيح لابد أن نكون:
هاويين للبحث العلمي الثقافي، لا أن ننتظر حتى يكون عملا رسميا لنا ملزمين به.
لابد أن نكون فضوليين للمعرفة، طارحين للأسئلة دون توقف وأن نكون موضوعيين دائما، صادقين مع أنفسنا.
أن نكون عارفين لكيفية صياغة كل مشكلة وتحديد فرضياتها وعلائقها، تابعين للأدلة أينما أخذتنا.
أن لا نعتبر أنفسنا ممتلكين لمعارف يقينية، بل دائما نترك كل شيء تحت البحث، عارفين أننا لانعرف.
أن نكون على الدوام حذرين من وهم المعرفة، لأننا مهما عرفنا سنكتشف أننا لم نعرف شيءا.
مدركين أنه علينا العمل على تحرير أنفسنا بأنفسنا، فلا ننتظر من الغير أن يحررنا.
متواضعين، متقبلين لتغيير لرأينا دائما تبعا للأدلة المستجدة، شكاكين غير مستمدين للمعلومات إلا من مصادرها الصحيحة ومتأكدين من مصادرها.
منتبهين ومتنبهين لوسائل التواليت وأدواتهم الخداعية .منتبهين ومتنبهين إلى تحيزات أدمغتنا وقصورها البيولوجي، فلا نثق بها 100 ب 100 لأنه قد توهمنا أشياء خاطئة .
لانبدي رأيا يقينيا ونحكم على أمر لم نبحث فيه .
لا نخجل من قول لا نعرف، لأنه ليس عيبا أو نقص.
محددين لكل أرائنا وأحكامنا بمدى عمق بحثنا في المسألة، فلا نقول أننا متاكدين بنسبة 80% إلا لو حقا بحثنا بما يمكن إعتباره يساوي نسبة 80 بالمئة .
مقدرين لقيمة الوقت .
متحررين من كافة أشكال العبودية من مال ووطن و الأسرة، أي أن نكون أحرارا غير متعلقين بأي شيء، فنكن غير منتمين . أن ننتبه دائما أن نكون غير معممين.
غير طامحين لقيادة الرعايا، بل ساعين لمساعدتهم لتحرير أنفسهم.
لا نعتبر أي إنسان قدوة أو نقدسه، رغم حبنا له شيء كان أو إنسانا .
يقظين للتعلم من أي أحد ومن أي موقف مر بنا، لأن الأفكار والمعلومات تتغير بتغير الأحداث، وبتغير التجارب التي نمر بها في حياتنا، فالأفكار تتشكل من التجارب لهذا يجب أن نكون يقظين للتعلم من كل تجربة تمر بنا في حياتنا.
خاتمة
فلنختم بآراء بعض المعجبين والمنتقدين من قراء الكتاب ، لتحفيزك أكثر زائرنا لقراءته ، ومما قاله أحدهم:(يا الهي أي كتاب هذا...دائما ما كنت أبحث عن هكذا نوعية من الكتب، التي إن إنتهيت منها، فإنك لن تعود مثل الشخص الذي كنت عليه سابقا ...إنه خريطة تقودك نحو الفكر الحر، والوعي تجاه نفسك والمحيط الذي تعيش فيه بواقعية وموضوعية مع كامل الوعي والإدراك والفهم...و لن أقول غير : شكرا من القلب يا رجل الكهف)
و مما قالوا عنه: (كتاب دسم بطريقة سلسة في ذات الوقت. لا شك إن ذلك الكتاب جعلني أتفكر في أمورٍ كثيرة، لم أكن ألتفت إليها قبلا، كما إنه جعلني أري أمورٍ رغم أني على دراية بها ولكني الآن أراها من منظور مختلف. هناك نقاط لا أتفق فيها مع الكاتب. ولكن الكتاب ككل كان ممتعًا ومفيدًا)
وقيل أيضا: (أختلف مع الكاتب في عدة أمور ذكرها في هذا الكتاب ، لكن على العموم كتاب جيد و مفيد لمن يفكر في كل مايقرأ)
وقيل : (كتاب ممتاز ، ويحتاج مني قراءة ثانية له قبل كتابتي لأي ملاحظة يستحقها هكذا الكتاب)
وقيل عنه: (تبدأ المحاورة التي يتناقش فيها الثلاثة، حول أمور علمية وفلسفية وثقافية متنوعة تدور كلها حول المعرفة البشرية....فيقوم رجل الكهف بعرض آلية عمل الدماغ البشري، ومكوناته وكيف تمت برمجته على مرِّ العصور من طرف ما أسماهم بثالوث القمع.. ليقوم بعدها بتعريف الثقافة وماهية المثقف وعرض الخطوات العشر نحو المعرفة الموسوعية وصولاً إلى مفاتيح تحرير الدماغ وكيف تصبح مثقفا بحق..وفي نهاية المحاورة يزود رجل الكهف الصحفيين بأكثر من مئة مرجع، كلها لها علاقة بما تم طرحه ومناقشته أثناء إقامتهم عنده).
ومن مقدمة الكتاب نفسه: (يمكن قراءة هذه المحاورة من أجل الفهم، ولقد تم بناؤها بالضبط من أجل هذا الغرض. فأنا مقتنع تماما، كما آمل أن يقتنع معي القارئ من خلال صفحات هذا الكتاب، بصحة ما قالته آن إيزابيلا ثاكيراي في رواية السيدة دايموند: ".. إذا أعطيت شخصا سمكة فهو سيجوع مجددا في غضون ساعة. إذا علمته كيف يلتقط سمكة فأنت تصنع له نقطة تحول جيدة في حياته..." ولذا فأنا لا أهدف إلى إطعام القارئ السمك، بل أهدف إلى أن أقنعه بوجود بحر مليء بالسمك، ثم أعطيه خريطة الطريق المؤدي إليه، وأن أعلمه كيف يصطاد سمكا بنفسه).