الكلمة الطيبة كالشجرة المباركة ،أصل ثابت وفرع بالسماء good word
الكلمة الطيبة الشجرة الطيبة |
الكلمة الطيبة والمؤمن التقي
الكلمة الطيبة والعمل الطيب ، هما زاد المؤمن التقي ، فنجده كأن على لسانه لجام يحكمه ، فلا ينطق إلا بما يرضي الله ، ويزن كلامه قبل أن يلقي به ، فقد قال رسولنا محمد ﷺ :«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» متفق عليه.
وعنه ﷺ أن إبن آدم إذا أصبح فإن كل أعضائه تقول للسانه :«اتق الله فينا ، فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ».
الشعر الطيب من الكلمة الطيبة
وبمجال الكلمة الطيبة الشاعرية يقول الله عز وجل : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)) أول شيء نفهمه عند قراءة الآية الكريمة:
- أن الشعراء تتنزل عليهم الشياطين
- يسعوون في طريق الآثام
- يتبعهم المخادعون
- يقولون ما لا يفعلون
- في كل وادي متسكعون
- تجدهم غير صادقين ومعظمهم كاذبون
- يتجولون بتحفيز من شياطينهم بخيالهم الخداع
الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة
أن الكلمة الطيبة النبيلة هي من الأعمال الصالحة لا فرق
يقول الله تعالى: (ألَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا فِي السَّمَاء تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا وَيَضرِبُ اللّهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ) فشبه الله - سبحانه - الكلمة الطيبة بالشجرة صالحة.
فالكلمة الطيبة تجلب الحسنات ، والشجرة الصالحة تؤتي ثمارها النافعة حتما ، والشجرة الصالحة أول صفاتها أنها طيبة وجيدة ورائحتها زكية وفاكهتها لذيذة وكل سماتها جيدة ، أصلها راسخ بقوة الجبال في الأرض ، وفرعها في السماء بعيدا عن أوساخ الأرض .
والكلمة الطيبة يمكن أن ترشد الإنسان إلى الخير ويمكنها أن تغير المجتمع بأسره ، ويمكن أن ينقذ الله بها القلوب وتعاد الروح إلى الحياة معها ، ويمكن أن يوقظ الله بها الناس من السبات العميق.
والكلمة الطيبة مثل حبة القمح الواحدة ، قد نتجاهلها وقد نتعهدها فتبارك وتنبت وتؤتي ثمارها ويمكن للثمار أن تكون خصبة وتتكاثر إلى أضعاف مضاعفة.
والكلمة الطيبة هي كلمة الحق مثل الشجرة الجيدة، الصلبة كبيرة ومثمرة لا تهزها الأعاصير والإغراءات ، لا تحملها رياح الأكاذيب ، ولا تجرها رياح الإستبداد فهي مميزة حقا!
إنها كالنخلة وأغصانها وسيقانها وشرائطها وكلها تنفع الأرض والعباد ، والمؤمن أينما تواجد فهو خير: أقواله ، حركاته ، دائما ساع في الخير قال ﷺ: (مثل المؤمن كمثل النخلة ما أخذتَ منها من شيء نفع) والنخل يرمي بالحجر وينتج أفضل الثمار ، والنخل أصل ثابت لا يتزعزع ، والمؤمن الحق مستقر لا يتغير بشهوة أو شك أو غير ذلك ، لذلك فهو ثابت على دينه وتقواه والمؤمن حريص على رضى خالقه قال ﷺ: (إن خير عباد الله الموفون الطيّبون ، أولئك خيار عباد الله).
فالكلمة الطيبة هي كلمة صادقة منا مع الغير والنصح لبعضنا البعض بالخير ، وهي كلمة بث المحبة بين الإخوة وبين الجيران وبين بني الإنسان ، وهي كلمة داعية لعمل الخيرات والتعاون عليها فلا تلهينا الدنيا الغرورة الفانية.
والكلمة الطيبة هي كلمة حنان وشفقة تجاه وضع إنساني نلتقيه بحياتنا ، هي كلمة نساند بها ضعف بعضنا وتقوينا على التماسك ، هي كلمة نخيط بها تمزقاتنا فلا تتسع وتتشتت كلمتنا ويقوى إبليس علينا .
وعجيب هو أمر الكلمة الطيبة، فهي الموصلة للسعادة الحقيقية وكانت هي سلاح الرسل وبها أرسلوا، وماكان لدعوتهم سلاح ولا دمار ، مثلما هو الآن منتشر بلذات التكنولوجيا الطاغيات الجالبات للمهلكات ، كما وضح شيخنا الدكتور النابلسي بارك الله بعمره.
الكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة
فهي الشجرة الغير النافعة السامة ، يمكنها أن تعلو وتتشابك، ويخيل إلى البعض أنها أكبر من الشجرة الطيبة وأقوى ، لكنها تبقى كريهة و ضعيفة ، وهي مجرد فترة ثم تقتلع من فوق الأرض ، فلا قرار ولا دوام لها.
والكلمة الخبيثة هي كلمة الكذب والنفاق ، وكلمة الغش والخداع ، وكلمة الغيبة والنميمة ، وكلمة الفسق والفجور ، وكلمة التكبر والغرور ، وكلمة بث الضغينة والتفرقة بين بني الإنسان ، إنها الساعية والمشجعة للمنكر من الأعمال والمصغرة المحقرة من فضائلها.
إنها الصادرة من القلوب الفاسدة الملوثة وهنا نتذكر ماروي عن لقمان الحكيم حين أمره سيده بذبح شاة، فذبحها، فقال له ائتني بأطيب ما فيها ، فجاءه باللسان والقلب ، ثم طالبه أن يأتيه بأخبث ما فيها ، فأتاه بكل من القلب وكذلك اللسان ، فتعجب سيده من ذلك ، فما كان من لقمان الحكيم إلا أن قال: (ليس شيئاً أطيب منهما إذا طابا ولا شيء أخبث منهما إذا خبثا)
وختاما ، إن كنا نسعى لنيل رضا الله ، فلنكن نحن الأخيار الذين لايأتون إلا بالخيرات ، ولنكن من الصالحين الساعين للصالحات ، ولابد من أن نتعود على الكلمة الطيبة في تواصلنا مع الآخرين ، وحتى عند إختلافاتنا بالرأي ، فإن الشيطان عدونا المبين يحرص على إيقاع العداوة بيننا كبني آدم ، فقد قال تعالى (الاسراء 53): (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً).
17/07/2020