تاريخ الشعب الأمازيغي هو موضوعنا اليوم ، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhw يزيد بهاءها بمتابعتك لها ، وبعد أن كنت معها بالجزء الأول من مقال"تاريخ الأمازيغ" سيكون مجلسنا اليوم لنتابع الجزء التاني منه ، فمرحبا بك.
تاريخ الأمازيغ-2- |
تاريخ شعب الأمازيغ
وقد كان ماانتهينا إليه بالجزء الأول لموضوعنا هذا ، أن المصادر التاريخية لم تذكر أنه سكن شمال أفريقيا قبل الأمازيغ عرق آخر غيرهم ، كما أن أقدم أحفورة للإنسان العقلي تم اكتشافها كانت ببلاد شمال أفريقيا .وبهذا خلصنا إلى كون الأمازيغ أول وأقدم من إستوطن شمال إفريقيا ، وذكرنا أيضا بالمقال الأول أن الحفريات والآثار بينت أن تلك الشعوب كونت على الأقل حضارتين في عصور ماقبل التاريخ لنصل على مشارف 3000ق.م .
القبائل الأمازيغية الشرقية
في حدود 3000 ق.م أصبحت منطقة شمال إفريقيا صحراء جرداء بإستثناء ضفاف النيل أي مصر ، مما دفع سكان الأمازيغ إلى النزوح بحثا عن أماكن للعيش فاتجهوا شرقا جهة مصر .
فكان كل ماسبق ذكره ، هو من آثار ماقبل التاريخ أي قبل ظهور الكتابة ، ومع ظهور الكتابة بعصور مابعد التاريخ كان أول ذكر للأمازيغ بالآثار المصرية القديمة بحدود 2700ق.م .
وذلك لأن المصريين طوروا كتابتهم في حدود 3000ق.م ، أما الأمازيغ فلم يكونوا بعد قد طوروا كتابتهم المعروفة بأبجديتها "تيفيناغ" والتي ستظهر ب1200ق.م .
وبالتالي فالمآثر التاريخية المكتوبة التي تأرخ للأمازيغ بتلك الفترة أي بحدود 3000 ق.م كانت من الحضارة المصرية فما الذي جاءت به المآثر المصرية عنهم وهل كانت المخطوطات تسميهم بالأمازيغ؟؟
الكتابات والنقوش المصرية القديمة كانت تأتي على ذكرهم حين عانوا وأصابهم الجفاف والقحط فبدأت تتجه قبائل الأمازيغ الشرقيين (ليبيا الحالية) نحو مصر ، وهنا نجد أقدم ذكر لهم بالنسبة للنقوش المصرية 2700 ق.م .
إلا أنهم لم يكونوا يذكرون بإسم "الأمازيغ" حينها ، بل ذكروا بإسم قبائل "التحنو" و"التمحو" ، كما أن الآثار وصفتهم بريش يزين شعورهم .
وكانوا يتخذون "واحة سيوة" قاعدة لهجومهم على مصر أو وادي النيل وإلى الآن واحة سيوة سكانها أمازيغ ويتكلمون إحدى اللهجات الأمازيغية ويقدر عددهم بحوالي 30000 نسمة .
فكان يأتي ذكرهم في إطار هجومهم على مصر أو في إطار رد على هجومهم من ملوك مصر ، ودائما بنفس الإسم : (التحنو والتمحو) .
لكنه بعد 1000 سنة من 2700( ق.م) أي ب 1500( ق.م) لوحظ إختفاء الإسمين بالنقوش والنصوص المكتوبة المصرية ليصبح الإسم الذي يطلق على الأمازيغ هو قبائل "المشوش" .
ليختفي بعدها بحوالي قرنين من الزمان ، وتحديدا في عصر رمسيس التاني 1300( ق.م) ، حيث بدأت تذكرهم المصادر المصرية من بداية عهده إلى نهاية الحضارة المصرية الفرعونية فتشير إليهم تحت إسم قبائل "الليبو" والذي أخذه بعد ذلك الإغريق وأطلقوه على المنطقة الغربية لمصر والمعروفة "بليبيا" .
لكن الغريب أن ذكرهم بالمصادر المصرية القديمة بعهد رمسيس التاني لا تذكرهم في إطار هجوم عدائي لهم على مصر .
بل يأتي ذكر "الليبو" حين ذكر الجيش والذي أصبح مكون من وحدات ليبية أي من تلك القبائل الغربية لمصر ، وطبعا كان ذلك مقابل إعطائهم أراضي للإستيطان بمصر فامتزجوا مع المصريين ، كما أنهم تمكنوا من الوصول إلى بعض المناصب الهامة في قيادة الجيش والدولة .
بل وأكثر من ذلك فقد تمكنوا من الوصول للعرش كماهو معروف بعهد الملك الأمازيغي الليبي "شيشنق" الذي اعتلى عرش مصر وحمل إسم الفرعون لعدة قرون متتالية وكان مؤسس الدولة 22 الفرعونية .
القبائل الأمازيغية الغربية
كان هذا شأن القبائل الأمازيغية الشرقية ، أما فيما يخص القبائل الأمازيغية الغربية ، فكانت تشكل مجموعة من المماليك والقبائل المنفصلة في كامل منطقة المغرب الأقصى : من تونس والجزائر والمغرب ، واستمر حالهم كذلك حتى مجيئ الفينيقيون الكنعانيون المستولين على منطقة البحر الأبيض .
فانقسم الأمازيغ الغربيون إلى ثلاث مماليك ذكرها التاريخ بإسم : "المملكة القرطاجية البونية" والتي هي تونس الحالية ، و"مملكة نوميديا" والتي هي شمال الجزائر الحالية ، ومملكة "موريطانيا" وهي شمال المغرب أما جنوب كل من الجزائر والمغرب وإلى أعماق الصحراء فظلت عبارة عن قبائل أو مماليك صغيرة منفصلة .
■المملكة القرطاجية البونية : أسس الفينيقيون عام814 ق.م مدينة قرطاج والتي تحكي عن ملكة "عليسا" أو "إليسا" الهاربة من قسوة أخوها بلبنان ، فاتجهت بحرا بحثا عن مكان مميز تستقر فيه حتى استقرت بتونس و أسست فينيقيا .
وكانت تسمى:(قرت/ حدشت) بمعنى القرية الجديدة لتتحول بعدها لقرطاج ، لتتوسع بعدها على مساحات شاسعة فكونت حضارة على سواحل البحر الأبيض ، والتي عرفت بإسم الحضارة القرطاجية البونية ، وكان الرومان هم من أطلق إسم البونقيون بدلا من الفينيقيون .
■ مملكة موريطانيا : والملاحظ من إسمها أنها مؤلفة من قسمين: القسم الاول (موري) والتي معناها بالفينيقية (ماحور) أي سكان الغرب أو المغاربة ، و(طانيا) والتي معناها بالرومانية أرض وبالتالي موريطانيا معناها (أرض المغاربة) .
وهي التسمية التي أطلقها الفينيقيون وبعدهم الرومان على سكان منطقة شمال ووسط المغرب الحالي ، والتي كان مؤسسها الملك الأمازيغي بوخوس التاني 255ق.م لتسقط بعدها كغيرها على يد الرومان 44ق.م .
واستمرت سبع قرون لتنتهي ب146 ق.م ، وذلك على يد الإمبراطورية الرومانية القوية ، بعد سلسلة من الحروب المعروفة بالحروب البونية ، وأشهرها حملة القائد القرطاجي حنبعل ، والذي قرر أن يغزو روما وهي بأوج قوتها ، كما قرر غزوها عن طريق جبال الألب المنيعة لكنه هزم وكانت نهاية الإمبراطورية القرطاجية.
■مملكة نوميديا: وهي واحدة من أقدم المماليك الكبرى للشعب الأمازيغي بالجزائر تحديدا 202 ق.م ، حيث قام ماسينيسا الأمازيغي بتوحيد كل المماليك المتواجدين بمنطقته وخصوصا منطقتي ماسيليا وماسيسيليا ، فوحدهم تحت راية واحدة هي مملكة نوميديا والتي ستكون نهايتها كما كان مع المملكة القرطاجية حيث إنتهت تحت يد القوة الرومانية46 ق.م.
الأمازيغ والإمبراطورية الرومانية
وهكذا صارت كل الشعوب الأمازيغية الساكنة لشمال أفريقيا تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية العظمى ، والتي معها ظهر مصطلح البربر والذي أصله (بارباروس) والتي تعني باليونانية الغير اليوناني أو الغريب واستعمله الرومان بمعنى الهمجي كما تقول بعض المصادر لأنهم كان هذا شأنهم حتى مع شعوب الجرمان شمال الإمبراطورية الرومانية ، حيث أنهم كانوا يعتبرون كل مادونهم غريب وهمجي.
كما أن هناك رأي يعتبر مصطلح "بربر" متولد من غرابة لهجتهم على الداخلين عليهم، وكأنهم يبربرون وكان هذا الرأي تابع لما جاء بكتاب العبر لإبن خلدون والذي لم يأتي فيه معنى يدل على إحتقار للبربر بتسميهم تلك والذي يجعل الكثيرين يربطون تسمية الأمازيغ الذي ساعد بنشرها المستعمر هي فقط للتفرقة بينهم وبين العرب، ولهذا أيضا نجد أمازيغ اليوم لا يقبلون تلك التسميات ويعتبرونها إهانة لهم ، ويصرون على تسميتهم بالأمازيغ وهو إسم عرفوا به أيضا والذي أجمع جل المؤرخون أن أصله هو لفظ "مازيس" اليوناني، والأمازيغ يصرون أنه له معنى من لغتهم والتي تعطيه معنى الحر والأحرار، ولنا عودة بعون الله للتوسع بهذا الطرح .
خاتمة
فكان هذا تاريخ الامازيغ سكان شمال أفريقيا الأولون، وسيستمرون تحت السيطرة الرومانية رافضين الإحتلال وذلك بثورات بملاحم كبيرة مشهورة وبأسماء لقيادات ذكرت بالتاريخ لا أحد يمكنه أن ينكرها ليتحرروا من الرومان بحدود 461م.
ليأتيهم العرب بعدها فاتحين ناشرين للدين الإسلامي فانصهروا مع العرب من جديد حبا بالدين والمعتقد لدرجة صار هناك طمس لهويتهم وكأنه يشترط أن تكون عربيا ليصح إسلامك.
ليأتي الإستعمار الغربي وتأثيراته على الأمازيغ وخاصة الرافضين للإستيلاب العربي، الرافضين للإسلام، وكأنه يشترط برفضك للتعريب أن ترفض الإسلام ففضلوا أن يستلبوا غربيا أرقى من أن يستلبوا عربيا، مما ولد الصراع الهوياتي الذي كان حديثنا عنه بمقال منفصل.
ليصبح الإهتمام بعصرنا هذا منصبا حول الفصل بين الهوية الأمازيغية والهوية العربية كما التنبه لعدم دمج الهوية الأمازيغية في الثقافة الغربية وذلك بالإستمرار في توعية الأمازيغ أن هويتهم تختلف جذريا عن الهوية العربية أوغيرها ، وأن الإسلام دين لبني الإنسان أجمعين وليس حكرا على العرب فنحن مسلمون أمازيغ ونفتخر .
المصدر : كان هذا هو الفيديو الذي إعتمدناه بالمقالتين (1/2) بعد تتبع المعلومات المطروحة فيه ولقت عندنا قبولا، لكن هذا لايمنع زائرنا أن تتحقوا منها أنتم أيضا، لأن كثيرا مانجد بعض الإختلافات ببعض الأرقام لكنها ليست بالفارق الكبير .