السلام عليك زائرنا الكريم، مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معها بمنتجع السكون باليمن، والذي يعتبر حلم يمني تحقق على أرض الواقع، سيكون مجلسنا اليوم مع مقال عن"مسجد البرازيل" بساوباولو، والذي يعتبر أول مسجد بني بأمريكا اللاتينية، فمرحبا بك.
|
مسجد "البرازيل" بساوباولو |
"مسجد البرازيل" بساوباولو
"مسجد البرازيل" بساو باولو، أول مسجد بني بأمريكا اللاتنية بعشرينيات القرن الماضي، وكان هذا ما قالت عنه إحدى المسلمات الأجنبيات، إعترافا منها بفضله الكبير في إسلامها :
"في هذا المسجد إعتنقت الإسلام ، كان له دور كبير في إسلامي ، فقد كنت كثيرا ما أجد أجوبة على اسئلتي فيما يخص الدين ، مما شجع والدتي بعدها أيضا على الإسلام ، فنحن الأن نأتيه لتعلم اللغة العربية والقرآن الكريم ، بل أصبحت أعتبره بيتي التاني" .
فهاهو بقببه الزرقاء ، ومئذنته ذات الخطوط الذهبية ، المعانقة لسماء ساوباولوا ، فخرا لكل مسلم يعتز بدينه ، وتنتعش روحه لرؤية بيت من بيوت الله ، الجامع لعباد الله المعظمين لشعائر دينهم .
مسجد البرازيل أول مسجد بأمريكا
كان ذلك بالهجرة التانية للعرب إلى البرازيل، والتي كانت بداياتها بالقرن 20 ، فكانت أحلامهم أن تتحسن الأوضاع، وبعدها تكون العودة للوطن الأم .
لكن الهجرة إمتدت سنوات طويلة، مما جعلهم يحسون مدينة ساوباولوا وطنا لهم، ولابد من تأسيس كيان لهم يجمعهم ويقوي وحدتهم، فيساعد بالتالي على إستقرارهم .
فكان بعام 1929 تأسيس "الجمعية الخيرية الفلسطينية"، والتي سيتغير إسمها فيما بعد إلى "الجمعية الخيرية الإسلامية"، وكان حلم بناء مسجد حلما لكل الجالية المسلمة هناك، ليتحقق ببناء "مسجد ساو باولو" على يد هذه الجمعية التي تبنت الفكرة .
فقامت بجمع التبرعات من الجالية العربية المهاجرة، وتم شراء البقعة الأرضية والتخطيط لبناء أول مسجد بأمريكا اللاتينية .
وتم وضع حجر الأساس سنة 1941، بحضور مسؤولين من حكومة البرازيل وبعض الشخصيات من قنصليات الدول العربية هناك ، ووجهت رسائل للملوك والأمراء العرب خارج دولة البرازيل ، للمساهمة بتبرعات لمشروع بناء المسجد .
فكانت لمصر مساهمات مشهودة حينها ، وبعهد "جمال عبد الناصر" قامت مصر بإرسال مسؤول العلاقات الخارجية الدكتور "عبد الله عبد الشكور كامل" وذلك 1956 ليكون أول مبعوث لها إلى البرازيل وأمريكا اللاتينية .
والذي باشر الإشراف على الإنتهاء من تشييد المسجد ، وأرسلت مصر أيضا خطاط متخصص هو "الأستاذ أحمد شديد" ، لتزيين قبة وجدران المسجد بالخطوط العربية والزخارف الإسلامية ، وأرسلت كهدية الثريات النحاسية والمنبر .
وتم افتتاح المسجد رسميا 20 مايو 1960، وقد تم حفل إفتتاحه بحضور سفراء الدول العربية والإسلامية وعمدة مدينة ساوباولو ، ورجال الدين المسيحي .
وكانت الكلمات الملقاة بالحفل كلها شكر وتنويه للمساهمات الواسعة من رسمية وشعبية ، إسلامية ومسيحية ، لتشييد هذا الصرح الكبير الذي أصبح معلما حضاريا في كل أمريكا اللاتينية.
مسجد البرازيل والجمعية الخيرية
وتعاقب على رئاسة الجمعية الخيرية الإسلامية والتي تعتبر المشرفة على مسجد البرازيل ، الكثير من الرؤساء الذين بذلوا من الوقت والمال ، الكثير للحفاظ على هذا الإرث الحضاري والتاريخي والعلمي .
فجزاهم الله خيرا ، فقد إمتد دور "مسجد البرازيل" من خلال القائمين عليه لتنشيط دور الجاليات المسلمة هناك ، وجمع القوى لتأسيس المساجد والمدارس والمؤسسات التي ترعى شؤونهم ، فتم تأسيس : (المدرسة الإسلامية البرازيلية ، والمقبرة الإسلامية ، والنادي الإسلامي) .
وتم وضع حجر الأساس لمساجد عديدة بأكثر من
ولاية، ليكبر الحلم و يشمل دول أمريكا اللاتينية : (كمسجد لوندرين ، ومسجد كوريتيبا ، ومسجد بارانجوا ، ومسجد باريتوس ، ومسجد برازيليا ، ومسجد كولينا ، ومسجد ريوديجانيرو ) وبكل من :الأرجنتين ، وبفنزويلا وتشيلي ، ودول الكاريبي .
مسجد البرازيل ومخطط التوسعة
وفي عام 2014م تولى رئاسة الجمعية الخيرية الإسلامية السيد "ناصر فارس" ، فتقدم بمشروع كبير للحفاظ على شكل المسجد كما تم بناؤه ، وذلك بعمل أكبر توسعة للمسجد من خلال شراء البيوت المجاورة ، وعمل صيانة لجميع مرافقه ، على أيدي أفظل المهندسين ، وأصبح المسجد يعمل على أرقى الطرق العلمية والتكنولوجية .
وإمتدت الصيانة لتشمل المقبرة الإسلامية حيث تم توسعتها ، وكذلك المدرسة الإسلامية البرازيلية ، وتكلف مشروع الصيانة 50 مليون ريال برازيلي ما يعادل 16 مليون دولار أمريكي .
ولأن العديد من المسلمين المختلفين الجنسية يقصدونه طلبا للمساعدة ، فإن الجمعية وسعت بخدماتها فيه ، فتم بناء بيوت للاجئين الجدد .
وقامت أيضا بمنح مساحة كبيرة لتكون مقرا للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل ، وهو تجمع يضم مشايخ وعلماء البرازيل ، ومقرا لممثلية دار الفتوى اللبنانية ، وهذا أملا في أن يكون مسجد البرازيل مستقبلا، حاضنا لجميع المؤسسات والمساجد الإسلامية في البرازيل كما كان في الماضي .
|
أول مسجد بأمريكا اللاتينية |
مسجد البرازيل كيان روحي وإنساني
وقد إكتسب مسجد البرازيل بساو باولوا أهمية كبيرة منذ إفتتاحه ، وحافظ على مكانته الروحية و الإنسانية لدى كافة شرائح المجتمع عبر إحتضانه للجميع حتى من غير المسلمين .
فقد شكل أهمية كبيرة لدى الجالية المسلمة، وتجاوزت الأهمية لتصل المجتمع البرازيلي ككل، مما فتح مجال لحوار الأديان، فصار يقصده مجموعة من الباحثين الجامعيين والمهتمين بالبحث في الدين الإسلامي. وأيضا سياح ساو باولوا، كثيرا مايحتاجون مكانا له علاقة بالإسلام فيأتوه.
وبالتالي فلا تقتصر أهميته على ماهو عليه من طراز معماري عريق، بل يتميز أيضا بمرافقه وخدماته التي يقدمها للزائريه وقاصديه من مختلف الشرائح و الأعمار.
ويصدر عن المركز الإسلامي الملحق بالمسجد كتبا توضح القواعد وأسس الفتاوى التي تهم المسلمين بالبرازيل، و قد تم طباعة وتوزيع آلاف النسخ من ترجمة معاني القرآن وكتاب الرحيق المختوم.
كما أن خطبة الجمعة تلقى باللغة العربية، ثم تترجم إلى اللغة البرتغالية والتي هي لغة 90% من البرازليين.
وبلإضافة لصلاة الجمعة، توجد دروس ثابتة بأيام محددة أسبوعيا يتولاها الإمام و يحضرها عدد كبير من البرازيليين، فكانت سببا في هداية أكثرهم لدين الإسلام.
ويعد المسجد أنشط الأماكن داخل البرازيل في حالات إعتناق الإسلام، وتوجد 4 فصول دراسية في المباني الملحقة بالمسجد، مجهزة على أرقى المستويات لتدريس اللغة العربية والثقافة الإسلامية واللغة البرتغالية والإنجليزية للبرازيليين وأبناء المسلمين.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد تم خلال السنوات الأخيرة توزيع 12 ألف سلة غذائية، 5 آلاف غطاء للبرد، ودفع إيجار40 منزلا لعائلات مسلمة بسيطة الحال، وخدمات قانونية للاجئين، ونشاطه هذا يمتد للأسر البرازيلية القريبة منه سكنا.
حيث يضم قاعات للمناسبات، وبه مكان خاص مجهز بالعاب الأطفال، بالإضافة للمكتبات والمكاتب الإدارية الرسمية، وأقسام ومركزا لتعلم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي.
وهذا كله يوضح أن لمسجد البرازيل، أيادي بيضاء على الجالية المسلمة والمجتمع البرازيلي، بالجانب الديني و العلمي والثقافي والإجتماعي.
مسجد البرازيل وخدمته للإسلام
رسم صورة إيجابية عن الإسلام والتعريف بسماحته وحضارته ودعوته للسلام والتضامن والتعايش السلمي مع المجتمع هو هدفنا، ومن أجل ذلك سنقوم بتوزيع 1300 نسخة من كتاب الرحيق المختوم باللغة البرتغالية يوم عيد الفطر المبارك
هكذا قال ناصر فارس ، رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية في إحدى تصريحاته ، فالرؤية المستقبلية والإستراتيجية للجمعية الخيرية الإسلامية ، تتمثل في تصريح رئيسها في إنشاء: أربع مدارس بمدينة ساو باولو ، وجامعة إسلامية ، ووقف إسلامي ، يعود ريعه على إدارة المشاريع التي يتولاها مسجد البرازيل ، وهذه الرؤية تحتاج لتضافر جهود المسلمين بالداخل والخارج ، فيتم إستثمار كل تلك الجهود و التعاون المشترك لمستقبل أفضل للإسلام والمسلمين في البرازيل وفي كل البقاع .
خاتمة
إنه المسجد بما يمثّله من مركز إشعاع علمي وحضاري ، و بمفهومه الشّامل المتعمّق والغائب عن الكثير منا ، فهو يمثّل نقطة التقاء الأمة وتوحيدها والمظهر العملي لوحدتها ، ألم يكن هو أوّل أعمال أستاذ الإنسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة؟
و بما أن العبادة في المفهوم الإسلامي شاملة جامعة لحياة الإنسان العابد لله تعالى ، فلابد من العلم والذي هو شرط أساسي للعبادة الصحيحة بمفهومها الشامل ، فلابد من أن يقوم المسجد بدور نشر العلوم بل وأن يصبح منارة ومقصدا علميا.
تحية حب ووفاء لكل من ساهم في إعلاء راية التوحيد والعلم والحضارة الإسلامية في كل مكان بهذا العالم، رحم الله المؤسسين وبارك الله في جهود الموفون بالعهد محتسبين الأجر من الله تبارك وتعالى.
أجل فقد كان أولها بناء مسجد للمسلمين في قباء، وذلك في أيامه الأولى التي أمضاها في المدينة ، وبعد انتقاله من قباء إلى المدينة ، كان أول أعماله كذلك بناء المسجد النبوي ، فكان المدرسة والجامعة ومقر مجلس الشورى وإدارة شؤون الأمة صغيرها وكبيرها.
إن العناية بدور المساجد الريادي أمارة على الإيمان القوي ، وسبيلا إلى الهداية فالمسجد في المفهوم الإسلامي الخالص هو مقر إعلان العبودية الخالصة لخالقنا ، قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا}، وقال الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}.
وللمزيد من المعلومات والصور ، هذا فيديو تعريفي لمسجد "البرازيل" من اليوتيوب بقناة "سكاي نيوز عربية" .