أنا أفكر إذا أنا موجود" هي خاطرتنا اليوم، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معنا بخاطرة"فضول واستغراب" سيكون مجلسنا اليوم مع خاطرة"أنا أفكر" نتمنى أن تنال إعجابك، فمرحبا بك.
التفكر في أيامنا المتجارية
| أنا أفكر إذا أنا موجود |
أنا أفكر ! وكثيرون يفكرون ، تفكير ، وتفكير ، وتفكير ، ولكن ماجدوى التفكير الذي لا يعود على وجود صاحبه بالنفع الدائم ؟! وأي وجود هذا الذي سيفنى يوما ويلهيني أنا اليوم عن التفكير والتخطيط لوجودي الدائم !! لا وألف لا ، لن نلتهي بمغرياتك ياأيها الوجود الغرور الفاني .
فهاهو رمضان على الأبواب ، وهكذا تتوالى علينا رمضاناتنا وتتوالى أعمارنا مع توالي الأيام ، ويمضي العمر !!
ترى هل أيامنا كان لنا فيها نصيب من الغنائم والمكتسبات الباقيات ؟ مكتسبات صالحات تأهلنا للفوز برضاك ياالله .
أم أنها سنوات مليئة بسعادة سرابية ، ماربحنا منها غير نجاحات لحظيات ، وسعادات وقتيات مهما طال العمر فهي من الفانيات !
التفكر بوجودنا الفاني
أجل يمر وجودنا الفاني متسارعا ، تطارد أيامه بعضها بعضا ، والفطن يجاهد التفكير في العمل لوجوده الأبدي الباقي .
قد يستخفون ويستهزؤون فهم لا يهتمون ، وهذا شيء طبيعي لأنهم لاتهمهم المآلات ، لكن الغير الطبيعي هو حالنا نحن ، كيف لانهتم ونحن الذين شهدنا أن لا إله إلا ربنا ، وأن محمد عبده ورسوله .
نعم ؛ الله ربنا ، ولرضاه نسعى ، وجنته نأمل ، ومن النار نتعوذ ، ومن الحساب مشفقون ، ومن الميزان مرتعبون ، ورحمات ربنا نرجوا ، فاللهم لا تجعلنا ممن قلت عنهم : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) .
التفكر بمراجعة أحوالنا
لابد من الجلوس مع النفس للمراجعة والتصحيح والتعديل ، فإن قالوا التفكير دليل وجودنا ، قلنا التعديل دليل فطنتنا ، وهو واجب علينا بكل ليلة قبل منامنا .
إلا أن التركيز المكثف بهذا الشهر المبارك الذي تجزل فيه العطايا وتنال فيه البركات واجب وحتمي ، فكيف نقبل أن يمر علينا كباقي الشهور !!؟
يقول شيخي ، أنه ليس عيبا أن تعترف بتقصيرك ، وتأخذ ورقة وقلما وتجالس نفسك ، وتدقق وتراجع مكامن ضعف عباداتك ، وبرمضان تحديدا تتيسر لك فرصة تكثيف جهودك ، فابحث ونقب بالجانب الذي أنت لست براض عنه ويشغلك وتعلم تقصيرك فيه .
فكر ولاتغرك المدائح
قد يقال أنك من المصلين ، وقد يقال أنك من الورعين ، وقد يقال أنك من الخيرين ، وقد يقال أنك من المتيقظين ، فلا تغتر!! بل راجع حساباتك .
نعم ، أنت الوحيد أيها العبد ؛ بعد ربك ، أدرى من كل الناس بنفسك وأحوالك ، ويكفي لو اختلطت عليك الأمور أن تضع نقاط وتحدد أهمها وأولاها ، وتخلص النية والأعمال بالنيات .
فكر وجودك لاتضيعه
يقول شيخي ، وجودك أيها المؤمن لا تضيعه وأنت تعيشه بلا تفكير ، أحدهم أخبر شيخي أنه بأحد الرمضانات قرر أن يكون همه الصلاة على وقتها ، فقد خجل من نفسه !!
كيف يتهاون ويتكاسل عن الصلاة إلى أن تتجمع ، فيزداد كسله وهو يؤديها متراكمة ، فتكون حينها بلا خشوع ولا تركيز ، حزن من نفسه وتساءل : كيف ستقبل صلاته عند الله عز وجل ! ؟
نعم هو الله الرحمان الرحيم ، نعم هو الغفور الودود ، نعم هو كل ذلك الرب العظيم ، لكنه عز وجل وضع لنا حدود وتعاليم ومواقيت ، وماكل ذلك إلا لتحقيق الميزان والعدل .
فكر العبد في مقام الرب ، وتوصل إلى أن صلاة كصلاته تلك لن تقبل ، ولن يكون له منها إلا تلك الحركات المتلاحقة بلا روح ، فكان قراره لرمضان تلك السنة "الصلاة في وقتها" .
سيغالب نفسه مهما حصل ، فربما يخرج برمضانه حاملا وسامه الذهبي للحفاظ على الصلاة بوقتها ، وفعلا كان كل همه بها ، ولم يلتفت لأي تعبد آخر بعد الصيام إلا الصلاة .
وتمكن حقا ، وخرج رمضان وكل همه أن يبقى وسامه الذهبي يزين سترة الإسلام التي يلبسها .
فكر بسعادتك الحقيقية
قال شيخي ، أنه أخبره بفرحته وسعادته التي لايكاد الكون يسعها ، ومعتز هو بنفسه أيما إعتزاز ، ولا أحد يعلم مصدر إعتزازه إلا ربه ، فقد تغلب على إبليس وأقفل عليه أحد مداخله .
وكلما تذكر المشاق التي مر بها بالعشر الأيام الأولى لبدأ مخططه ، زاد حماسا أن لايضيع تعبه هباء ، وأصر أن لايرجع القهقرى ، ويدعو الله أن يتبثه فهو يحس أنه حقق مالم يكن يتوقع يوما أن يتحقق !
| التفكير الصائب |
فكر لتتواجد حقا
وتطايرت الأيام وجاء الشهر المبارك ، وقرر أن يأخذ قلمه ومذكرة ضعفه وتعثراته ، وجالس نفسه مجددا ، التي طوعها وصارت منقاذة معه بصلاته ، وفكر بمكامن ضعفه ، ترى بأيها سيهتم برمضان هذه السنة ؟؟
أجل إنه هو ، الذي كثيرا مايشغله ولايفهم كثير من كلماته ، ولم يحفظ من سوره إلا اليسير المكرر منذ الصغر ، إنه القرآن العظيم .
قالوا أنه الشفيع ، وقالوا أنه المؤنس بالقبر ، وقالوا حافظه يلبس والديه تاج الوقار ، وهو يعلم أنه ختمه قبلا برمضانات عدة ، لكن بلا فهم لبعض مصطلحاته ، أجل معروفة هي تلك العادة عندهم ، بدخول رمضان كل أفراد الأسرة يقرؤون ماتيسر منه .
فكان قراره أن يكون رفيقه برمضانه هذا كتاب للتفسير الميسر ، أجل سيأتي بتفسير السعدي أو أيسر التفاسير لأبو بكر الجزائري أو صفوة التفاسير للصابوني أو تفسير الجلالين .
ولن يهتم إلا لختمة واحدة ، جزء كل يوم والجزء مايقارب 20 صفحة ، فإذا سيقرأ أربع صفحات بعد أو قبل كل صلاة ، لابد وأن لا تبقى كلمة مقفل معناها الإجمالي أمامه ، أجل فكان تركيزه مع صيامه الشرح الميسر للقرآن .
وفعلا تم الشهر وفاز بوسام آخر أسعده أيما سعادة ، ومن رمضانين إثنين كانت له كل تلك السعادة !!
فكر وراقب وجودك
قال شيخي أنه إعترف له عن ضعف قدراته ، وأنه لم يكن قادرا على تكثيف مجهودات كثيرة بوقت واحد ، ولما أخذها متفرقة تمكن منها ، وأنه الآن يحس نفسه قويا قوة لا يدري مصدرها .
وأنه قرر أن يجتهد مراقبا نفسه أكثر وأكثر ، كي لا تضيع جهوده ، وقد صار ملازما للقرآن وبدأ مخطط حفظه ، وكم كان سعيدا وهو يقول أنه يحس أن بركات تحل عليه بحلول شهر رمضان .
ولم يعد له هم بهذه الحياة ، إلا الحفاظ على كنزه الثمين وأن لا تمتد إليه يد العابثين ، فكله أمل أن يلقى ربه وهو محمل به .
خاتمة
فيارمضاننا المبارك ، هاقد جئتنا ببركاتك وأنوارك ، فاللهم يسر لنا صيامه وقيام لياليه المباركات ، وعمل الصالحات بنهاراته الميمونات ، واجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه .
وممن يعيشون وجودهم الدنيوي متذكرين وواعين أنه فان ، ولن ينفعهم منه إلا مافازوا به من الطيبات الصالحات لبناء وجودهم الأخروي الأبدي في جنات النعيم .
نعم نعلم أننا متواجدين وسننتهي يوما ، لنتواجد من جديد ونحاسب على كل هذا التواجد الآني ، فاللهم إجعلنا من الفائزين ، المتفكرين ، المتبصرين .
| التفكر المجهري |