وفاة معلمي" هي خاطرتنا اليوم، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معها بخاطرة" الباكالوريا وعشق الدراسة" سيكون مجلسنا اليوم مع خاطرة "وفاة معلمي" نتمنى أن تنال إعجابك. فمرحبا بك.
وفاة معلمي رحمة الله عليه
وفاة معلمي رحمة الله عليه |
معلمي توفي !! رحمة الله عليه ، وغفر له ، ورزقه الجنة ، تفاجئت بصورة معلمي بعد كل هذه السنين أمامي بصفحة لثانويتي بالأنترنت ، إنها صفحة خاصة للثانوية التي كنت من تلميذاتها يوما .
والغريب أن هذه الصفحة من أيام قلائل قد أقترحت لي فانضممت لها ، لأفاجئ بمنشور التعزية من تلاميذ معلمي الحاليين .
أول الأمر ، تنبهت للصورة كان هو معلمي رغم كل هذه السنين ، لكن صورته تنبهت لها ، ولما دققت بالإسم تأكدت أنه هو .
ومن التعليقات فرحت له ، وللكم الهائل من الدعوات والمديح في حقه ، وبتعامله الراقي مع تلامذته وحبه لهم ، نعم إنه نفسه معلمي رحمة الله عليه .
فهمت من التعليقات أنه كان أستاذا لهم بتلك الثانوية ، بعد أن كان معلما لنا نحن بتلك المدرسة الجميلة .
نعم جميلة جدا ، ذات الأشجار الطويلة ، والطويلة جدا لكن لحظة ! لست أدري أكانت حقا طويلة أم أنها أشجار عادية ونحن الذين كنا صغارا وقتها ! وكل مافيك يامدرستي جميل .
معلمي والذكرى الخالدة
مازالت لك عندي ذكرى يامعلمي ، إنها حكاية حدثت لك معنا وقتها ، كان ذلك بأيام الإحتفالات بعيد العرش ، وكنت رحمة الله عليك ، من المعلمين المسؤولين على إعداد برامج إحتفالات المدرسة .
وكانت مدرستنا ستشارك بمجموعة من الأناشيد والمسرحيات ، وكنت معلمي صاحب إقتراح نشيد "الماء والخضرة ووجه الحسن" ، والمسؤول على تدريب مجموعة من التلاميذ والتلميذات على تأديته .
وكان أحد المعلمين الأخرين ، مسؤول على تدريب مجموعة أخرى على رقصة "أحواش الفلكلورية" المعروفة .
وكانت المنافسة بين المجموعتين على أشدها . كنت تأتينا بالعود لتعزف أنغام هذا النشيد ، وكنت أنا من التلميذات المشاركات بمجموعة "الوجه الحسن" ،
معلمي وأجواء الإستعدادات
وكان من حظ مجموعة "رقصة أحواش" أن اللباس الخاص بالرقصة الفلكلورية تكفلت المدرسة بجلبه لهم ؛ عكسنا نحن والمجموعات الأخرى المشاركة بأناشيد الأطفال ، فقد تقرر تأديتها بملابسنا العادية .
مجموعتنا لم تستسلم ولم تتقبل الوضع ، فاجتهدنا بالتخطيط لإيجاد لبسة موحدة متناسقة تجمعنا ، ومع أننا أطفالا صغار ، إلا أننا قد تمكنا من تحقيق مخططنا السري .
أجل، بالحصة الأسبوعية المخصصة للتداريب المسبقة تفاجئ الجميع حين دخولهم قاعة الأنشطة لمنظر مجموعتنا المنسق، وأكثرهم انبهارا بنا كان معلمي، قائد مجموعة "وجه الحسن" فقد صفق لنا مشجعا حماسنا.
نجحنا بتوفير ملابس متشابهة ومتناسقة الألوان بمجهوداتنا الفردية. وكان نشيد "وجه الحسن" تهتز له القاعة بأداء قوي منا على أنغام عود معلمنا، لتهتز بعدها المدرسة كلها على أصوات الدق على الطبل الكبير، مع أهازيج رقصة "أحواش ورزازات" الأمازيغية.
تدربنا لأسبوعين ، إلى أن صارت المدرسة كلها تردد نشيد "الوجه الحسن" :
الماء والخضرة والوجه الحسن
عرائس تختال في عيد الحسن
قال الحمام، لفيت بلاد الدنيا ديا
ولفيت بلاد الدنيا ديا، لفيت بلاد
ورجعت ثاني للمملكة الحرة الأبية،
المغربية.. العلوية.. العربية،
عالمغربية يا حمام عالمغربية
ليصل اليوم الأهم حيث ستزور مدرستنا اللجنة الإقليمية لإختيار مشاركة أو مشاركتين من كل برنامج مدرستنا المعد مسبقا، وهكذا كان الحال مع كل مدرسة إبتدائية، وكل إعدادية، وثانوية بالإقليم، لتجمع المشاركات المختارة، وتعرض بحفل كبير أمام عامل الإقليم بأمسية "عيد العرش".
وكان أملنا أن يتم إختيارنا، فتوال عرض المشاركات التي تم إختيارها من طرف مدير المدرسة لتعرض على اللجنة، فمن الطبيعي أن لا يعرض عليها كل برنامجنا المعد ليوم الإحتفال الخاص بالمدرسة.
وهكذا كان، فقد تم إختيار أربع مشاركات فقط وكنا منها مع مجموعة "رقصة أحواش الفلكلورية"، وبعد العرض أمام اللجنة الإقليمية، أخبرنا معلمنا أنه قد تم إختيارنا نحن الإثنتين للإشتراك بأمسية عيد العرش الإقليمية وفرحنا طبعا جميعنا، كوننا المجموعتين الأكثر ثقلا ببرنامج الإحتفال وهاقد تم إختيارنا لحضور الحفل الكبير.
معلمي بين الحيرة والشفقة
وصل اليوم المعلوم ، وإلتقينا هناك أمام المدرسة جميعنا ، وتم نقلنا بالتناوب إلى حيث أمسية عيد العرش ، وكان ذلك بأحد دور السينما بمدينة ورزازات وإلتقينا بتلاميذ وتلميذات المدارس الأخرى وكل مجموعة برفقة معلمها وتعمل تدريبات قبل أن يصل دورها بالعرض.
أوقفنا معلمنا أمامه ، وهو جالس على كرسي وآلة العود بين يديه ، وأخد يعمل معنا تدريباته الأخيرة ، وبعد أن لاحظ منا العياء طالبنا ان نرتاح هناك بالكراسي إلى أن يأتي دورنا .
سمعناهم ينادون "فرقة أحواش" من البوق الكبير ، وبعد تأديتها للرقصة الفلكلورية وعودتها بقليل ، فاجئنا معلمنا بقوله :(مارأيكم مادام قد شاركت مدرستنا برقصة أحواش ، فهذا يكفي فلننسحب قبل أن يسألوا عنا بمشاركة تانية ، لأن النوم بدأ يغالبكم ، والتعب ظاهر عليكم ) ، فوافقناه من براءتنا فقد كنا بسن العاشرة جميعنا .
وبعد ذلك بأيام ، بعد أن أخبرناه أن مجموعة "رقصة أحواش" تتفاخر علينا ، وأخبرتنا أنه تم إختيارنا بلائحة الإحتياط ، عكسها هي فقد تم إختيارها بالدرجة الأولى فهل هذا صحيح ؟؟ .
أخبرنا رحمة الله عليه أنه تم إختيار المجموعتين ، لكن اللجنة أخبرته أن "رقصة أحواش" لأنها فلكلورية أعطيت لها الأولوية عن نشيد "وجه الحسن " لكثرة فقرات برنامج الأمسية .
ولأنه كان متيقن من إعجاب اللجنة بمجموعتنا وأشفق من حماسنا وإستعدادنا ، فكر أن يصطحبنا حتى إن تمكن من إيجاد حل هناك ليجعلنا نشارك ، لكنه لاحظ إكتظاظ المدارس والمشاركات ، مما جعله يتيقن صعوبة ذلك .
فتحجج بالتعب البادي علينا وخصوصا أن مشاركة مدرستنا "برقصة أحواش" كان متأخر جدا ، فرحنا وتقبلنا شرحه الجميل .
والمضحك أنه بعد أن كنا رافضين كوننا في الإحتياط إكتشفنا الآن أنه لم يكن مقرر نهائيا عرضنا للنشيد !
لكننا صرنا نقول للمجموعة المنافسة أن اللجنة أعجبت بآداءنا وتأسفت كثيرا لصعوبة إختيار مشاركتين وفقط كون رقصة "أحواش" فلكلورية فقد أعطيت لها الأسبقية !! رحمة الله عليك معلمي كم كنت حنونا وعطوفا علينا .
خاتمة
كتب العديد كلمات رائعات وجملا جميلات منمقات عن المعلمين، فقيل عنهم أنهم البوصلة التي تنشط فضول المعرفة وحب الحكمة لدى تلامذتهم.
وقيل عن المعلمين أن منهم متوسطي المستوى وهم المتحدثون، وجيدي المستوى وهم المفسرون، وممتازي المستوى وهم الموضحون، وعظيمي المستوى وهم الملهمون.
هؤلاء الملهمون كالشموع التي تحرق ذاتها لإضاءة حياة الآخرين ، يؤمنون بك ، ويشدون عليك ، ويدفعونك ، ليقودوك للمستوى الأعلى فالأعلى...
وقد قيل عن هؤلاء الملهمون الرائعون ، أنهم لديهم آلاف الأشخاص الذين يتذكرونهم لبقية حياتهم ، بينما الأمر قد ينتهي بمعظمنا بخمسة أو ستة أشخاص ممن يتذكرونهم .
فالمعلم الرائع يؤثر على الخلود . ولانستطيع أن نقول أبدا أين سينتهي تأثيره . فهو المتقن لفن التدريس والذي هو فن تعزيز الإكتشاف .
فقد صدقوا حين قالوا ، ما نفعله لأنفسنا يموت معنا . لكن ما نفعله للآخرين والعالم ، يظل ويبقى خالدا رغم رحيلنا .
وإذا كان هناك شخص واحد له دور مهم في حياتنا ، بصرف النظر عن والدينا وآهالينا ، فهو بالطبع المعلم الملهم والمساعد والمحفز ... حيث ينقل معرفته لك على طبق من الحب . فرحمة الله عليك معلمي وجزاك الله عنا خيرا.