القصة الأمازيغية الثالثة، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها، وبعد أن كنت معها بالقصة التانية ستأخذك اليوم ألوانها لقصتنا الأمازيغية الثالثة "الأكاذيب المنعقدة" المصاغة ترجمتها باللغة العربية، فمرحبا بك .
القصص الأمازيغي لجدي كله حزن
القصص الأمازيغي لجدي ، صراحة إلى الآن كله أحزان ، فكل من القصة الأولى ، والقصة التانية، مليئات بالغم والهم . واقترب السبت الثالث ، ولم أجد عندي حماس للإستماع ، و حاولت أن أخفي إحساسي كي لا أجرح مشاعر جدي .
لكنه تنبه لردودي الباردة ، كلما مازحوني بالبيت أن السبت إقترب ، واستغرب جدي مني ذلك ، لكني أنكرت ، وأظهرت حماسي ، وأنني متشوق للإستماع إليه أكثر وأكثر .
القصص الأمازيغي لجدي مملة
وكلما اقترب السبت إنقبض قلبي ، وكانت لنا أنا وجدي عادة المشي لنصف ساعة يوميا ، وذلك بعد عودتي من مدرستي عصرا ، فأجده بالبوابة الخارجية لبيتنا بإنتظاري .
وأول ماتنزلني سيارة النقل المدرسي ، يستقبلني هو معانقا وبالقرب منه أمي تتولى أخذ محفظتي ، أقبلها وأنطلق مع جدي للحديقة المجاورة لحينا .
يسألني عن أصدقائي كلهم واحدا ، واحدا ، فقد صار يعرف أغلب أسماءهم ، ويتابع معي بحماس مستجدات يومي .
وذلك اليوم تجرأت عليه ، لأنني قررت أن أصارحه ، فسألته ممازحا ، إن كانت كل القصص الأمازيغي بذلك الغم؟ فأنا أريد قصص فيها خيال وتسلية ، لكن لو كلها بذلك الشكل فليستمر لا عليه ، فطمئنني وقال أنه بهذا السبت ستكون قصته لي مسلية حتما .
القصة الأمازيغية "أكاذيب منعقدة"
وصل اليوم الموعود واجتمعنا كعادتنا ، فأخبرنا جدي أن قصة اليوم مفاجئة ، فهي نوع من الفانتازيا الأمازيغية المليئة بالخيال .
فعن جده قال جدي ، تحكى قصة "تيحلال إيموركسنين" ، والتي ترجمتها ، "الأكاذيب المنعقدة" فيما بينها بعقد .
حيث أن (تيحلال) الأكاذيب ، تأتي من كل صوب وحدب لتلتقي مع بعضها مرة كل سنة ، وذلك بشهر أبريل تحديدا . فتتجمع بكل أشكالها ، وأحجامها ، وألوانها .
وتتماسك مع بعضها البعض بواسطة (تيموركاس) أي عقد كثيرة . لتصبح (تيحلال إموركسنين) أي أكاذيب منعقدة على شكل أكذوبة كبيرة ، فتقضي مع بعضها يوما مميزا ، مليئا بالشغب والمغامرات .
وكان ذلك بأيام فصل الصيف ، بشهر يناير الشديد البرودة ، فإقترحت عليهم واحدة من الأكذوبات ، أن يتجهن لحقل "الحاج أبو كفر" ، فحقله مشهور بجودة بلحه ، وقد مرت هناك من يومين ، ورأت الثمار قد نضجت وأينعت وحان قطافها ، فلتكن الأكاذيب المنعقدة أول قاطفيها .
وفعلا اتفقت الأكاذيب المنعقدة على أن تتسلق نخيل الحاج ، وتأكل منها بوقت القيلولة حيث لا أحد هناك ، وماأن صارت الأكاذيب فوق النخل ، حتى سمعت أحد الصغار ينادي بأعلى صوته ، ليخبر "كفر" و"أبا كفر" أن ثمارهم تسرق .
وفعلا وصل الحاج "أبو كفر" ، وأخذ يصيح بها لتنزل فورا ، لكن الأكاذيب المنعقدة تشبتت بجريد النخل ، ولم ترد عليه بأية كلمة ، فأخذ يرميها بالحجارة الصغيرة ، لكنها ظلت متمسكة بلا حراك .
وكأنها تماثيل بلورية لامعة ، ثم إنتقل لرميها بقطع الطوب المتناثرة هناك ، وكانت القطع لصلابتها تلتصق بحواف النخلة ، فلا تصيب الأكاذيب المنعقدة ، ولا تسقط أرضا .
استمرت المحاولات ، والحاج يطوف حول النخلة كالمجنون ، وبكل تلك القطع الطوبية الملتصقة هنا وهناك ، تكون حاجز بين الأكاذيب المنعقدة ورؤية الحاج لها ، فجأة أرعدت السماء وسقطت الأمطار الربيعية الغزيرة والشديدة البرودة ، مما جعل الحاج ينسحب ، وهو يدعو عليها باللعنة الإلاهية ، أن تلازمها أينما حلت وإرتحلت .
الأكاذيب وسوق البطيخ
وكان واحد من الأكاذيب قد أكل بطيخا قبل إلتحاقه بهم ، وكانت هناك بقميصه بذرة من ذلك البطيخ ، إنتزعها وغرسها بإحدى قطع الطين الصلبة الملتصقة حول النخلة وهو يتسلى بإنتظار أن ينسحب الحاج يتمكن هو ورفاقه من الهرب .
ماهي إلا لحظات حتى صاح بهم هذا الأكذوب الآكل للبطيخ فرحا :( ماشاء الله! أنظروا لهذه البطيخة ، إنها من بذرة بطيختي ، وبفضل هذه الأمطار المباركة سبحان الله تبطخت ) .
أسرعت الأكاذيب المنعقدة لإقتسامها ، وما أن قسمتها نصفين ، حتى تفاجئوا مما بداخلها ، إنه سوق كبير والباعة هنا وهناك ، والخظر والفواكه والخيرات بكل مكان ، والحركة يمينا ويسارا .
دخلوا السوق واشتروا كل ما إشتهته أنفسهم ، وخرجوا من السوق فرحين مما هم فيه من النعيم ، فقرروا أن يطبخوا طبخة مما اشتروه ، ويجتمعوا على أكلها قبل أن يفترقوا من جديد .
وفعلا هذا ماكان ، جاءت الأكذوبات الأكثر إتقان للطبخ ، وجهزهن "الطاجين المغربي" المتفق عليه ، لكن إحترن أين سيتم طبخه؟
فأشار عليهن كبير الأكاذيب (أحلال أختار) بوضع الطاجين فوق غصن إحدى الأشجار المتينات ، فإنه فصل الصيف وشمس أكتوبر حارقة وكافية ولا داعي للحيرة ، فهي ليست كشمس أغسطس الباردة ، وحتما سينضج من حرارتها .
و فعلا تقرر ذلك ، فإحتاروا من جديد بأي شجرة سيكون الطاجين بمأمن؟ وأخيرا قالت إحداهن :(شجرة الرمان أغصانها متينة فلنضعه هناك ، ولنستمر بتجوالنا الى أن نعود اليه) .
الأكاذيب وأكلة الطاجين
الأكاذيب ولقاء النملة
خاتمة
☆☆☆☆☆☆☆☆
كتبت برمضان الكورونا
1441/2020
Written in Ramadan Corona