الأمازيغ وعاشوراء هو موضوعنا اليوم ، السلام عليك زائرنا الكريم مدونتك مجالس الإخوة Majalis-Al-ikhwa يزيد بهاءها بمتابعتك لها ، وبعد أن كنت معها بمقال عن رمضان شهر التطهير سيكون مجلسنا اليوم مع "أجواء عاشوراء" عند الأمازيغ المغاربيين، فمرحبا بك.
الأمازيغ وعاشوراء |
عاشوراء المشارق والمغارب
"يوم عاشوراء" إنه الإسم الذي يطلق على اليوم العاشر من شهر "المُحَرَّم" الشهر الأول من السنة القمرية أو التقويم الهجري .
والإحتفال به عند المسلمين المغاربة مختلف عما هو عليه عند أية دولة إسلامية أخرى من المحتفلين به ، نعم إنه يوم إحتفال لكنه إحتفال بإجتماع المتناقضات …!!
فهو يوم عاشوراء الفرحة والبهجة بالدول المغاربية ، بينما هو العكس تماما لدى المشارقة ذات الأغلبية الشيعية كالعراق وإيران والبحرين والأردن ، لأنه عند هؤلاء يمثل يوم حداد وحزن وذلك تبعا لمرجعيتهم بالإحتفال .
وتبعا للعديد من المصادر فقد إرتبط هذا اليوم بأحداث عظيمة وذات دلالات دينية متعددة ، مما يجعل الباحث بشأنه مستغربا كيف لكل تلك الأحداث أن تقع باليوم نفسه والذي هو العاشر من "المحرم" إلا لعلو شأنه عند الله .
فقد قيل عن "العاشوراء" أنه اليوم الذي تاب الله فيه على سيدنا آدم ، وقيل هو يوم لقاء آدم وحواء من جديد بعد نزولهما للأرض ، وقيل هو اليوم الذي نجى الله فيه سيدنا نوحا وأنزله من السفينة ، وقيل فيه أنقذ الله سيدنا إبراهيم من النمرود .
كما قيل فيه رد الله سيدنا يوسف إلى سيدنا يعقوب ، وقيل هو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده و نجى سيدنا موسى وبني إسرائيل ، وفيه غفر الله لسيدنا داود عثرته ، وفيه وهب سيدنا سليمان ملكه وفيه أخرج الله سيدنا يونس من بطن الحوت.
وقيل فيه رفع الله عن سيدنا أيوب البلاء ، لتأتي الطامة ليكون هو اليوم الذي قتل فيه حفيد نبينا سيدنا محمد -ﷺ- الإمام الحسين بن علي وفاطمة الزهراء في كربلاء .
وعلى خلاف الإحتفالات بذكرى يوم عاشوراء في مختلف الدول العربية والإسلامية المشرقية ، والتي عادة ما تتخللها مظاهر لطم للخدود وشق للجلود وإسالة الدماء من الأجساد ، تشهد احتفالات عاشوراء في الشمال الإفريقي أجواء إحتفالية مغايرة .
"عاشوراء" وأمازيغ شمال أفريقيا
"عاشوراء" مصر وأمازيغ سيوة
فلتكن البداية بعاشوراء مصر وأمازيغ سيوة ، مصر المجاورة للدول المغاربية ، حيث يتمتع يوم «عاشوراء» بمكانة خاصة لدى ساكنتها ، فقد بدأت عادة الإحتفال منذ العصر الفاطمي حيث ابتدع الفاطميون عادة الإحتفال برأس السنة الهجرية مع حلول أول يوم من شهر محرم .
من خلال تنصيب الخيام وتجميع الناس للإحتفال نجد المصريون يشتهرون بصناعة الطبق المعروف ب «طبق عاشوراء» وتبادل إهدائه بين الجيران ، وهو من الأرز واللبن المحلى بالعسل أو السكر ، ومزين بالزبيب والمكسرات .
كما أن صيام يومي التاسع والعاشر من المحرم كان من عاداتهم ، كما انتشرت في أول 10 أيام من شهر محرم عادة شراء نوعا من البخور يسمونها «الميعة المباركة» يستخدمونها المصريون للوقاية من «شر العين الحاسدة» ، وكان الباعة ينتشرون في الشوارع ، حاملين «الميعة» فيشتريها العامة لرشها فوق الفحم المشتعل ، مرددين هذه التعاويذ :
«رقيتك من عين البنت الغارزة أكثر من المسمار ، ورقيتك من عين الست الحادة أكثر من السكين ، ورقيتك من عين الولد المؤلمة أكثر من السوط ومن عين الرجل القاطعة أكثر من سكين الفرح» .
بينما تطوف مجموعات من النساء المعوزات حاملات أطفالهن يرددن «زكاة الـ10 ياسيدي» ، فيتسابق الأثرياء في بذل صدقاتهم ، ويحددون قيمة صدقاتهم وأصحاب النصيب الذين سينالونها .
وفي مسجد "سيدنا الحسين" المعروف بمنطقة الأزهر وسط القاهرة ، تقام إحتفالات خاصة بهذه المناسبة حيث كان يحتشد الناس على طول الطرق المؤدية إلى المسجد ، ويكتظ المسجد بالزائرين ليبدأ «الدراويش» حلقة الذكر ، مرددين: «الله.. الله».
ومع أمازيغ مصر بسيوة ، اعتاد كثير من أهاليها صيام يوم عاشوراء سنة عن النبي محمد -ﷺ- وهناك بعض العادات يقوم بها أهالي سيوة إلى يومنا هذا ، منها أن تكون وجبة فطور صيامهم عبارة عن الكسكس الأمازيغي بلحم القديد والذي يكون عبارة عن ريش أضحية العيد الأضحى ولكنها تجفف تجفيفا طبيعيا بعد تمليحها .
ومنذ مايقرب من عشرين سنة كانت للأطفال طقوس في هذا اليوم حيث يأتي كل طفل بسعفة نخل خضراء كبيرة من الحقل ، ويربط في أوراقها بعض الأفرع الصغيرة من أشجار الزيتون والرمان وغيرها من الأشجار وكذلك تربط بالسعفة بعض الحلوى والفاكهة بحيث تتدلى بشكل جميل .
ثم يجتمع أطفال كل حي في مكان فسيح ويثبتون سعفات النخيل على الأرض وينتظرون أذان المغرب ليبدأوا بانشاد كلمات خاصة بالإحتفال وهم يحركون سعفاتهم وبعد أن ينتهوا من الإنشاد يقومون بالأكل من أطباق الكسكس التي أحضروها معهم ثم ينطلقون في إتجاه منازلهم لأكل ماعلق من حلوى بسعفاتهم .
عاشوراء ليبيا:"سعف النخيل"
تتجلى مظاهر الاحتفال عند اللبيين في تحضير طبق "العاشورة" وهو خليط من البقوليات مع اللحم المقدد المتبقي من أضاحي العيد الكبير ، والذي يوزع على الجيران في ليلة التاسع من محرم .
ويخرج الأطفال في يوم عاشوراء في ليبيا حاملين سعف النخيل ويرقصون في الشارع ويطلبون الحلوى أو الطعام من البيوت ، فيما تخضب النساء أيديهن بالحناء ويكحلن أعينهن بالكحل ، ويقصصن جزءا من شعرهن إيمانا منهن بأن قص الشعر في هذه الليلة يزيد من طوله ويمنحهم الخير والسعادة .
عاشوراء تونس: "حوش سيدنا"
في تونس تبدأ سهرة عاشوراء بالتاسع من محرم بقرع الشباب والشابات للطبول في الأحياء الشعبية ، ويمضون يرقصون ويغنون وهم يطوفون الشوارع والمنازل فإذا أكرمتهم عائلة ما ، غنوا لها "هذا حوش سيدنا يعطينا ويزيدنا"، أما إذا رفضت إحدى العائلات أن تسمح لهم بالدخول إلى مسكنها ، فإنهم يغنون لها: "هذا حوش بم..بم.. كسارين سبعة برم" .
وتحضر التونسيات طبق الكسكس الأمازيغي بالخضر والحمص والهريسة ويقدم الشاي مع اللوز وعرائس الحلوى . وفي اليوم الموالي تستحم النساء من مياه الأبار ، إذ تعتقدن بأنها مختلطة بمياه زمزم وستمنحهن الصحة والأمن والراحة .
عاشوراء الجزائر:"غصن الوكاس"
لكل بلد عاداته الخاصة به للإحتفال بمناسباته وأعياده ، وللجزائر طبيعتها الخاصة في إحياء ذكرى عاشوراء ، ومن العادات الشهيرة لدى الجزائريين ، ما يلي:
-ارتبط يوم عاشوراء بإخراج المال عند معظم الجزائريين ، وهذا الأمر وإن كان غير منضبط شرعا؛ حيث إن الزكاة تجب متى حال الحول فهي إذًا غير مرتبطة بيوم معين ، إلا أن بعض الجزائريين لا يزالون يتمسكون بها اليوم في إخراجها .
-ومن عاداتهم أيضًا تقديم الكثير من الأطباق الشهيرة لديهم مثل "الكسكس الأمازيغي بالدجاج" و"الرشتة بالدجاج" و"الشخشوخة بالدجاج".
-ومن العادات التي تأثروا فيها بغيرهم أن يقوم الأطفال الصغار من بداية شهر المحرم بقطع عنقود خالي من التمر يطرقون به على الأبواب فتمنحهم الأسر أقمشة يربطونها في هذه الغصن بعد تبخيرها وتعطيرها وهم يغنون: (ارفع لوكاس يا رب عن هاذ الناس) ، وكلمة (لوكاس) بضم اللام وتسكين الواو معناها الأمراض .
حتى إذا كانت ليلة عاشوراء تخرج النسوة والأطفال ويصعدون إلى ربوة ويلقون هذا الغصن الممتلئ بالألوان وسط إحتفالية دامعة ، داعين أن يرفع الله عنهم المصائب والأحزان.
-أيضا من عاداتهم بالجزائر ما تقوم به بعض النساء بوضع الحناء وتجمع الفتيات اللائي لم يتزوجن بعد خلط الحناء بالسكر وماء الزهر ووضعها في أيديهن وهم يهللن ويظللن هكذا إلى السحور ، ومنهن من يقصصن بعض شعرهن ويلقينه في الوادي وهن يعتقدن أن ذلك يساعد في نموّه سريعًا ، وهي عادة اكتسبوها من الشيعة .
-ومن عاداتهم أيضا والتي مايزال يتمسك بها بعض أفرادهم أن يحضر النساء عشاءً خاصًا بذيل الأضحية أو "الخليع" وهو لحم عيد الأضحى مخزن بتتبيلات معينة وبطريقة مميزة .
ثم يرتدين اللباس التقليدي لهن وقبل أذان المغرب يكتحلن نساءً ورجالا بالكحل إيمانا منهم أنه يحمي أعينهم من الرمد والأمراض الأخرى ، وينصحن بناتهن بعدم الخياطة أو الإقتراب من الإبرة كي لايُصبن بالرعشة في الكبر .
عاشوراء موريتانيا: توزيع"الهدايا"
عاشوراء مناسبة للاحتفال والتعبد والصلاة وهي أيضا مناسبة للفرح والرقص ، إذ يقرع الأطفال الطبول في الشوارع ، ويمدحون النبي محمد -ﷺ- ثم يعودون إلى المنازل لتناول وجبة الكسكس بالقديد رفقة عائلاتهم.
وتحرص النساء في موريتانيا على توزيع الهدايا على الجيران وترديد مقطوعات دينية.
وتحضر النساء خلال هذه الليلة الكسكس الممزوج بصلصة الطماطم ولحم القديد، وتحضر هذه الوجبة في وقت مبكر من ليلة عاشوراء وبكميات كبيرة حتى توزع على الجيران والأصدقاء .
عاشوراء المغرب: "بابا عيشور"
حسب بعض المؤرخين الباحثين في موضوع إحتفالات عاشوراء لدى المغاربة والطقوس التي تتخللها فقد إعتبروها بقايا من المذهب الشيعي الذي كان منتشرا بالمغرب خلال القرن 11الميلادي .
وبهذا امتزجت الطقوس الشيعية (والتي تعتبره يوم حداد) ، بالطقوس اليهودية التي عرفتها المنطقة قبلها (والتي إعتبرته يوم فرح بنجاة موسى) .
لتأتي الطقوس الإسلامية( والتي تعتبره يوم إحتفال صياما إتباع للسنة التي أقرت أننا كمسلمين أولى بموسى من اليهود في حديث عاشوراء المعروف ، فحسب السند الشرعي للإحتفال في رواية وصول الرسول -ﷺ- إلى المدينة وملاحظته أن اليهود يصومون يوم عاشوراء وتساؤله عن ذلك وقوله -ﷺ- بعد أن علم أن يهود يثرب إنما كانوا يصومون احتفاء بنجاة موسى عليه السلام من المطاردة الفرعونية: "نحن أحق بموسى ولئن حييت إلى قابل لأصومن عاشوراء وتاسوعاء". والمغاربة عرفوا منذ مجيء الأدارسة إلى المغرب بالتشبُّث بالسُّنة وحبهم المفرط للرسول -ﷺ- .
وكل تلك المدخلات طبعا ستتداخل بالتالي عبر مراحل الزمن مع طقوس أهل المكان "الأمازيغ" ، لتمتزج كل الطقوس في الإحتفال بعاشوراء المغاربيين بين الحزن والفرح . لكن إحتفالاتهم في عمومها لغياب التيار الشيعي بالمنطقة ، فالطابع المتبقي والغالب عليها هو مظاهر البهجة والفرح .
فيحتفل المغاربة ليلة العاشر من شهر المحرم بعاشوراءهم بالتوسيع على أفراد الأسر . وتتخذ الذكرى مناسبة للضرب على الدفوف والإنشاد والتزين بأجمل الثياب .
فهي ذكرى يحرصون فيها على نشر الفرح والإحتفال من خلال ممارسة طقوس ضاربة جدورها في التاريخ الأمازيغي ، ومستلهمة من أساطير مرتبطة بالموروث المغربي ككل .
وتتجلى مظاهر الاحتفال بعاشوراء المغاربة باقتناء الفواكه الجافة ، وشراء اللعب للأطفال من أبرز مظاهر الإحتفال بعاشوراء في المغرب ، إذ تستقبل النساء المغربيات هذه الليلة بطبق الكسكس باللحم المجفف (القديد) .
ويخرج الأطفال ليتحلقوا حول النيران ويلعبون بالمفرقعات النارية فيما تكتفي الفتيات بالضرب على الطبول وترديد أهازيج خاصة بهذه المناسبة .
وتظهر شخصية "بابا عيشور" الأسطورية في هذه المناسبة والشبيهة بشخصية "بابا نويل" الإفرنجي ، إذ تتغنى الفتيات والنساء "بعاشوراء" وهن ينقرن على تعاريجهن _الة من الطين للدق عليها_ مرددات أهازيج خاصة متعارفة بينهن كقولهن :
"عيشوري عيشوري دليت عليك شعوري".
" وقولهن : "هذا عاشور ماعلينا لحكام ألالا
"عيد المولود كيحكموا الرجال الالا